أعجب كثيرا لهؤلاء الذين يقولون أن الإخوان مسئولون عن قتل المتظاهرين وأنهم غرروا بهم ودفعوا بهم إلى الشوارع والميادين .

بأى منطق يتحدثون . أبمنطق الإسلام وأحكامه ؟ أم بمنطق دعاة الحرية ومواجهة الاستبداد ؟ أم بمنطق الجبناء الداعين – بأسباب لا أصل لها – إلى السكوت على الظلم والرضوخ للاستبداد .

هؤلاء هم دعاة التخلف ، وهم امتداد لفئة الراضخين والمستسلمين لقوى الاستعمار عندما احتلت بلادنا .

إن الإخوان لم يطلبوا من الناس النزول ورفض هذا الظلم ، وقعدوا هم في بيوتهم آمنين ، بل كانوا أفراداً وقيادةً في المقدمة ، وأغلب الشهداء منهم ، يقول رسول الله r : ” سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى سلطان جائر ، فأمره ونهاه ، فقتله ” ، فماذا يقولون في ذلك ؟

قال رسول الله r لسيدنا عمار بن ياسر t : ” تقتلك الفئة الباغية ” ، فتأكد الناس في معركة صفين عندما استشهد سيدنا عمار t  ، من هي الفئة الباغية ، فإذا بسيدنا معاوية t للهروب من ذلك يقول : ” إنما قتله من أخرجه ” ، وهذا تزييف منه ، فهل يؤمنون بهذا المنطق ، وأن سيدنا على t وهو الخليفة الراشد ، هو من تسبب في قتل سيدنا عمار ، وأنه الفئة الباغية ، لأنه دعاه للخروج معه .

يقول رسول الله r : ” من قتل دون نفسه فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ” ، .. وفى رواية النسائى زاد : ” ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد ” .

إن مقاومة الظالمين أصل من أصول دعوة الإسلام ، وفريضة هامة ، ألم يسمعوا عن ” الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ” ، وأن أصحابها سيتحملون الأذى ويقدمون التضحيات في سبيل ذلك .

إنهم يذكروننا بدعاوى المنافقين التي سجلها القرآن : ” يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ .. ” . [ آل عمران 154] .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” . [ آل عمران : 156 ]

إن كل دعوة للحرية ورفض اغتصاب حق الأمة وإرادتها ، لابد أن تقدم فيها التضحيات ، ويقف فيها الشعب الأعزل أمام بطش القوة الظالمة المغتصبة .

فهل أصحاب هذا المنطق يمنعون المظاهرات والاعتصامات بحجة أن النظام وجنوده سيطلقون عليها الرصاص ويهددونها ؟ إذاً فكل الثورات وكل الانتفاضات الشعبية ضد الظالمين جريمة في نظر هؤلاء بهذا المنطق الأعوج ، بل إن ما حدث من الشعب في 25 يناير 2011 جريمة يجب أن يحاسب عليها .

وأن مظاهرات الفلسطينيين ضد المحتل الصهيوني الغاصب ، وما يسقط فيها من شهداء جريمة منهم وممن دعاهم للخروج ، ولا حق لهم في ذلك ؟

إن أصحاب هذا المنطق يعلنون بوضوح عن منهج الجبن والاستسلام لديهم ، لم ينزل منهم أحد للشارع ، ولم يتحرك بكلمة ضد الظلم والاستبداد ، وإنما هم يخادعون أنفسهم ويبررون لها هذا الموقف المتخاذل ، بالهجوم على الثوار ، ورافعى لواء الحرية ،ومحاولة لتثبيط عزيمتهم ، فهنيئاً لهم أن يكونوا مع هؤلاء القتلة يوم القيامة ، ويحشرون معهم ، بل هم مشاركون في إراقة تلك الدماء ” من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة لم يرح رائحة الجنة ” أو كما قال رسول الله r .

إن المعتصمين والثائرين من أجل الحق كانوا رجالاً في إعلان موقفهم وفى التظاهر السلمى وفى الاعتصام بهذه الصورة الحضارية السلمية ، فهل هذه جريمة ؟ في أي عرف إنسانى يكون ذلك ؟ نعم إنها جريمة في عرف الظلمة والقتلة ودعاة الاستبداد والداعمين له مثل هؤلاء .

لم يخرج أحد في مظاهرة أو يقوم بالاعتصام من المعتصمين الثائرين رغماً عن إرادته ، وإنما فعل ذلك بكامل حريته ، وهو يعلم ما سيتعرض له ، وأعلن كل فرد أنه يرغب في الشهادة في سبيل الله وفى سبيل إعلاء راية الحق ودفع الظلم … .

ورغم العنف والإيذاء والقتل الذى واجهوه ومازالوا يواجهونه ، فإنهم مستمرين ، يتظاهرون ويسطرون بدمائهم تاريخ الحرية ورفض الظلم والظلام ، فهنيئاً لهم ، وبإذن الله سينصرهم الله مهما طال الزمن .

إن فريق المخابرات الحربية الذى يجلس خلف النت ويرسم ويوجه هذه الحملة ضد الثوار – وضد الإخوان وهم قلب الثورة – ويحرك أصابعه وأدواته بذلك ،  بهدف إضعاف الثورة وتفريقها وإحداث الهزيمة النفسية لديها ، ليس بخافٍ علينا أو مجهولٍ أفراده ، والواقع القائم يؤكد فشل مخططه .

وسيأتى اليوم الذى يعاقب فيه حساباً عسيراً .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .