كثر الحديث عن الرؤية، والبعض يدخل فيها الخطة والمشروعات المطلوبة وغيرها من أمور تأتى تالية, لكن الأصل المبدأى  الذى يشكل الرؤية الأساسية والمدخل الرئيسي يجب تحديده أولا , ثم بعد ذلك ترتيب باقي جوانب الرؤية .

وبدون منهجية محددة تختلط كثير من الأمور وتجعل الموضوع صعبا وهذا مقترح في نقاط محددة في كيفية تناول هذا الامر.

أولا:

كمدخل لتحديد موقفنا من اختيارات وبناء الرؤية الأساسية لابد ان نحدد الاستراتيجية الأساسية أولا، ان أي خيار استراتيجي بين جهتين متصارعتين يشمل ستة خيارات هي: –

  • الاستسلام للجهة الأخرى (وهذا مرفوض وفق قرارات مجلس شورى رابعة).
  • التراجع الجزئي او قريبا من الكلى للوصول الى حالة الهدوء (وهذا قريب من خيار الاستسلام لان التراجع سيستمر الى ان تقبل به الجهة الأخرى).
  • القدرة على الحسم وانهاء الازمة في حينه (وهذا لا نستطيعه).
  • المواجهة المفتوحة وليكن ما يكون (وهذا مخالف لمنهجنا).
  • السكون مع الثبات (مثل ما حدث في محنة 1954).
  • المقاومة مع الضغط على الجهة الأخرى وانتهاز الفرص والمتغيرات.

وبالتالي تصبح الاستراتيجية الأساسية الراجحة لدينا هي رقم 6 المقاومة مع الضغط المستمر ويحكم ذلك ثوابتنا من حرمة إراقة الدماء والتمسك بالسلمية في حراكنا الثوري.

ثانيا:

هناك عاملان لا يجب اغفالهما

  • تقدير الله عز وجل وحكمته ومشيئته وهي النافذة والمهيمنة، ونحن لا نياس مهما اشتدت الضغوط بل نزداد يقينا بان المعركة بين الحق والباطل، وأنها تسير بقدر الله.
  • ان الأحوال والاحداث لا تنحصر في جهتين متصارعتين وانما هناك مستجدات ومتغيرات في المنطقة وعلى مستوى العالم، تؤثر وتغير في مجرى الصراع، وعلى صاحب الدعوة استغلالها وتوجيهها لصالحه وبالتالي يساعد هذا على تحقيق الهدف المطلوب واحداث التغيير

ثالثا:

هناك ملاحظة أساسية: ليس معنى المقاومة والضغط حتى لو كان قليلا من ناحية الكم والكيف امام القوة الأخرى الجبارة، انه لا فائدة منه …. فهذا خلل في فهم الاستراتيجية وابعادها، فأمامنا نموذج المقاومة الفلسطينية من مظاهرات وعمليات فدائية ولا يدعى أحد ان هذا يسقط إسرائيل وينهى وجودها ولكنه امر هام للضغط عليها ولاستمرار استراتيجية المقاومة والتمسك بالاهداف الى ان يتغير الواقع وتقوم دولة الإسلام التي تزيل هذا الكيان او تتغير موازين القوى الحالية.

رابعا:

  • بعد اختيار الاستراتيجية – والتي رجحناها هنا – يتم بدقة تحديد الأهداف الأساسية التي لا تنازل عنها.
  • والاختيار الاستراتيجي لوضع الجماعة ودورها في المجتمع بعد تلك الازمة: هل تستمر في مشروعها الإسلامي ام تغير فيه؟، هل تقود الشارع الإسلامي والحراك الوطني ام تتراجع وتصبح مجرد جماعة ضغط؟ هل تراجع أهدافها وتخلى الساحة للأخرين وتقتصر على الجانب الدعوى والسلوك المجتمعي؟ … وبالنظر الى ثوابتنا وتاريخ الجماعة وما قدمته من تضحيات يصبح الخيار هو استمرار الجماعة في قيادة المشروع الإسلامي والحراك الوطني.
  • ثم تحديد السيناريوهات الواردة، وأثر كل سيناريو علينا وعلى اهدافنا وكيف نواجهه في حدود امكانياتنا، ثم ترجيح سيناريو او أكثر تركز عليه الخطة.
  • يترتب على ذلك متطلبات واستراتيجيات ومسارات العمل المقترحة بناء على هذا الترجيح
  • وكذلك ذكر الاليات الواردة التي يمكن استخدامها (مثل تدخل طرف ثالث – تقديم اخرين لمبادرات – التحالف مع جبهات أخرى – مساعدة فريق على فريق …. الخ) وحدود وشروط استخدامها وما هو الممنوع وما هو المسموح في تلك الاليات والوسائل.
  • بعد اتمام تلك الرؤية واعتمادها تأتى الخطة “وليس قبل ذلك” لتحدد بناء على ما سبق حالة النجاح واستراتيجيات العمل والاهداف العملية وجدول التشغيل.