أكذوبة أخونة الدولة :-

أطلقتها الدولة العميقة وقوى الثورة المضادة لمنع أى تطهير لها أو إجراءات ضدها ولأن الإخوان هم أكبر هيئة منظمة متماسكة منتشرة فى المجتمع – وكانت فى صراع مع الدولة العميقة طوال عهد مبارك – وبالتالى فهى قادرة على دعم المواجهة مع الدولة العميقة ؛ لهذا – فى وجهة نظرهم – لابد من تحطيمها وإضعافها .

فكانت خطة الإعلام والقوى التى تخدم الدولة العميقة ، هى شيطنة الإخوان ، رغم إنهم جزء أصيل من الشعب المصرى ، حاز على ثقته فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية .

من حق أى رئيس دولة أو حزب فاز بالأغلبية تشكيل الحكومة وتعيين المحافظين والهيئة الاستشارية التى تساعده حسب وجهة نظره ، لأن لديه برنامج وسياسه هو مسئول عن تنفيذها .. وهذا ما يحدث فى جميع البلاد الديمقراطية .

فإذا عيَن الرئيس ستة محافظين قامت الدنيا ولم تقعد ، وإذا كان فى تشكيل الحكومة 9 وزراء من أصل 37 وزيراً .. أصبحت أخونة للدولة .. وهذه الدعوى المغلوطة ظهرت فى الشهر الأول من رئاسة الدكتور محمد مرسى ، وهدفها هو إعاقة تطهير الدولة العميقة ، وللأسف رفعتها فصائل تدعى أنها ضد الدولة العميقة .

أما مناصب الدولة الأخرى ، فهى مناصب ثابتة ويحكم الترقى فيها قانون واضح ، وإذا حدث أن خالف احدهم هذا القانون أو اغتصب ماليس حقاً له ، فالقضاء يحسم الأمر .

وكان طوال عهد مبارك ، المناصب العليا فى المؤسسات تكون تحت موافقة الأمن ورضى النظام الحاكم عن الشخصية حتى ولو كانت فاسدة . وكثير من كفاءات الإخوان وغيرهم حرموا من تولى هذه المناصب رغم أحقيتهم لها من حيث الكفاءة والأقدمية بسبب تقارير الأمن .. فإذا تم تعديل هذا الوضع وأصبح لمن له أحقية وفق القانون أن يكون فى هذا المنصب .. تتحرك الأقلام وتقول أنها أخونة .. وانطلقوا بالشائعات – والتى ثبت كذبها – أن الألاف تم تعيينهم فى تلك المناصب وبعضهم قدم أسماء لا صلة  لها بالإخوان من قريب أو بعيد .

مواجهة مبارك :-

مثال على تشويه وتزييف التاريخ القريب ، وإطلاق المغالطات من البعض – وهم يعرفون ذلك – ثم تصديق أنفسهم . وحقائق التاريخ ما زالت معروفة .

منذ عام 92 ، والإخوان فى مواجهة ومعارضة سياسية مستمرة مع نظام مبارك ( وإن شئت فمن قبلها ، لكن ازدادت ودخلت فى مرحلة الاعتقالات والمحاكم منذ هذا التاريخ ) والأرقام لا تكذب ؛ 30 ألف حالة اعتقال وحبس ، محاكمات عسكرية متعددة ، شهداء سقطوا من التعذيب ، ألاف من الموظفين تم منعهم حقهم من الترقى للوظائف العليا بسبب تقارير أمن الدولة ، وتحويل الكثيرين لأعمال إدارية ، ومصادرة لشركات وممتلكات .

فى كل انتخابات برلمانية يخوضها الإخوان ، يسقط مئات الأفراد مصابين من اعتداء الأمن عليهم ويتم إلقاء القبض على الألاف .

فى انتخابات 2005 فقد 16 أخ عيونهم بسبب طلقات الخرطوش من قبل الأمن ، وكانت صور التضحية والإصرار مبهرة ، ورأينا النساء المسنَات وهن يستخدمن السلالم ويتسلقن الأسوار العالية لكى يصلن إلى مكان التصويت ، ورأينا الفتيات وهن يتعلقن بالسيارات التى تحمل الصناديق حتى لا يتم استبدالها رغم اعتداء الأمن عليهن .. أين كنتم يا من ترفعون الآن راية الهجوم على الاخوان بدعوى الثورية .. كنتم متفرجين !!

أين تاريخكم وأنتم طلاب فى الجامعة ، ماذا كنتم تفعلون ، طلاب الاخوان يتصدون لسيطرة الحرس الجامعى وسيطرة أمن الدولة ويواجهون تزييف الانتخابات الطلابية وقيام أمن الدولة بفرض القائمة التى يريدها ويشطب الاخرين .

إذا كان منكم أفراداً على أصابع اليد واجهت ذلك ، فقد كان هناك المئات والألاف من طلاب الإخوان يقوم بذلك كل عام .

وقد تم تحويل المئات من طلاب الاخوان إلى لجان تأديب . أصرّ الإخوان على إجراء انتخابات حرة وإعلان الاتحاد الحرَ ، قاموا بالمسيرات والوقفات الحاشدة داخل الجامعة ، فأين كان موقفكم وكم كان حجمه داخل الجامعة ؟ فلا يأتى اليوم من يلبس قميص الثورة وينزعه عن الإخوان ، وتاريخه معروف بالجامعة ، بل إن بعضهم كانوا إما متفرجين أو ضمن الناجحين فى قوائم طلاب أمن الدولة .

نريد بالحساب الواضح أن نحسب عدد من دخل السجون وعدد السنين التى قضاها وعدد من أصيب وتعرض للاضطهاد من الإخوان ، ومن حدث له ذلك منكم طوال عهد مبارك ، لنعرف الحجم والفرق ، ونعرف معيار التضحية – ونحن لا نمن بذلك ، ولكن نرفض المغالطة وتزييف حقائق التاريخ .

نريد لمن يتكلمون من هؤلاء ، تفسيراً عندما كان الإخوان ينزلون للشارع أو ينظمون وقفة أو يوزعون بياناً ، يتم اعتقال للقيادات والأفراد وأقل مدة للحبس والاعتقال ستة شهور بالإضافة للاعتداء عليهم أثناء الفعالية .

فى حين أنكم عندما تقومون بذلك ، وحولكم العشرات من الأفراد ، وتشتمون النظام وحاكمه بأعلى صوت ، لم يحدث لكم أى شىء ، وإذا حدث فلبعض الأفراد فقط وحبس مدة لا تزيد عن أسبوع .

فلماذا هذا الحنان وهذا الرفق عندما يواجهكم الأمن ، فى حين أن هناك عصا غليظة دائما للاخوان .

الإخوان لهم أدب فى المعارضة ، وهو البعد عن تجريح الأشخاص ، وعدم استخدام الشتائم ، وكان هذا مطلبنا من المشاركة مع أى قوة سياسية . فإذا بنا نرى التشويه بادعاء أننا كنا نرفض مهاجمة مبارك . فى حين كان الدعاء عليه – فى الشوارع والميادين والمساجد على هذا الظالم يتم بالألاف وبأعلى صوت .

نعم كانت هناك معارضة سياسية من آخرين ، لكنهم كانوا يعارضون من المكاتب المكيفة ، وأمام كاميرات الإعلام وحجمهم معروف للجميع مهما علا الصوت . أما الإخوان فكانت تتحرك فى الشارع وبين الجماهير رغم مطاردة الأمن لهم .

فى 2005 فى مظاهرات الإصلاح ، نزلت قوى سياسية بالعشرات ، وبضع المئات ، وعندما نزل الإخوان بالشارع وقتها عرف الجميع حجم هذه القوى .

فى أسبوع واحد نزل ما يزيد عن مائة ألف من الإخوان ودوائرهم فى جميع محافظات مصر مطالبين بالإصلاح وسقط أول شهيد لهم فى الدقهلية فى هذه المظاهرات ، وواجهها الأمن بمنتهى العنف ، وألقى القبض على عشرة آلاف أغلبهم من قيادات الإخوان ورموز العمل السياسى فى الإخوان وذلك فى أسبوع واحد ، وقضى أغلبهم فى السجون من ثلاثة إلى خمسة أشهر وكفالات ضخمة وصلت إلى خمسة وعشرة آلاف جنيه .. فماذا كان حجمكم ولماذا تعامل الأمن بمنتهى الرفق معكم ؟

فى أى انتخابات برلمانية ، وفى النزول للشارع وأىّ فعالية ، كان يتضح ثقل وحجم الإخوان ومدى التفاف الشعب حولهم فى مقابل حجم وثقل القوى السياسية الأخرى . وهذه حقيقة كضوء الشمس لا تغيرها المؤامرة التى حدثت ، ولا الأموال الضخمة التى أنفقت لتدبيرها .

 فى ثورة 25 يناير :-

لماذا الآن المغالطة ، ولم يمض عليها فترة طويلة ؟

لقد صدر بيان الجماعة يوم الأحد 23 يناير وأُعلن على موقع الجماعة فى حينه ، وفيه يرفض تهديد أمن الدولة لرؤساء المكاتب بالمحافظات من النزول للشارع ، ويعلن فى وضوح قرار الجماعة وإصرارها على النزول ومشاركة الشعب فى جميع فعالياته المطالبة بالحرية .

والقرار الذى وصل لمسئولى المحافظات جميعاً وقتها كان مشاركة الرموز السياسية فى وقفة القضاء العالى ، ومشاركة الشباب فى الدعوى للنزول إلى الشارع .

وقد شارك الألاف من شباب الإخوان فى النزول للشارع يوم 25 يناير ، واعتقل منهم يومها 154 فرد وأصيب عدداً منهم فى ميدان التحرير يومها . وهؤلاء المدعين يقولون لم نر الإخوان ، فهل يعرفون أسماء ووجوه جميع الإخوان ؟ . لقد كانت توصية الجماعة لهم عدم رفع أعلام وشعارات الإخوان فى هذه الثورة حتى لا يتم إجهاضها بحجة أن الإخوان هى التى تقود الثورة .

ويوم الأربعاء 26 يناير بعد هذه الاستجابة الرائعة لشعب مصر ، كان قرار مكتب الإرشاد أن الثورة قد بدأت وأنه يجب المحافظة عليها وحمايتها وتم وضع رؤية كاملة لها ولكيفية انتقال السلطة إلى الشعب فى بيانات متتالية ، لكن هناك قوم لا يقرأون البيانات .

وفى هذا اليوم تم الترتيب للحشد الضخم والدعوة إليه يوم الجمعة بحيث لا تكون الدعوة صادرة مباشرة من الإخوان حرصاً على التحفظ الذى أشرنا إليه . ويوم الجمعة معروف أنه من آليات الإخوان فى الحشد طوال تاريخها فى المعارضة ، فلماذا لم يكن يوم الخميس أو السبت مثلاً ؟ .

نحن لا نقول أن الإخوان هى التى صنعت الثورة ، وكذلك لا يدعى أحداً أو فصيل أنه هو الذى صنع الثورة ، الجميع شارك فيها ، وحجم مشاركة الإخوان ودورهم فيها كان كبيراً ومهماً بالنسبة لدور أى فصيل أو هيئة أخرى . والقدرة على التنظيم والترتيب كانت عالية ومتميزة عند الإخوان .

الثورة فى حقيقتها كانت من صنع الله والملايين التى نزلت من شعب مصر ، أغلبها لم يكن مسيساً أو تابعاً لأى فصيل سياسى من هذه الفصائل ، ولكنها كانت انتفاضة شعب .

وهذه الشريحة الكبيرة من الشعب ، يحزنها هذا الانقسام والصراع بين الهيئات التى شاركت فى الثورة .

لنا طلب بسيط : أن نجمع الكلمات والشعارات والهتافات التى أطلقتها تلك الفصائل الثورية المعارضة للإخوان ، ونجمع فى مقابلها كلمات الإخوان فى الرد عليهم .. سنرى مدى الانحدار الأخلاقى فى المعارضة والاختلاف ، ومدى الكذب والتشويه عند هؤلاء .

مواجهة العسكر :-

لم يتعرض فصيل سياسى فى مصر طوال تاريخه للإيذاء والظلم من جانب العسكر ، مثلما تعرض له الإخوان ، فالتعذيب الشديد للآلاف والقتل داخل السجن الحربى ، وفى باقى السجون تحت سلطة العسكر بدءاً من عام 54 مسجل فى صفحات التاريخ ، وطوال عهد مبارك كانت المحاكم التى يقدم لها الإخوان محاكم عسكرية تصدر أحكاماً ظالمة عليهم . وكان تطهير الجيش من أى أفراد تنتمى للإخوان عملية مستمرة بخلاف الفصائل السياسية الأخرى . وكانت خطابات طنطاوى فى الجيش دوماً يهاجم الإخوان فيها .

فلا يأتى أحد ويزايد على موقف الاخوان ، ويدعى أن الإخوان كانت لهم صفقة مع الجيش ، وللأسف يواصلون هذا الادعاء مع ما فعله الجيش فى الانقلاب على د.مرسى ، وإصدار أحكام الإعدام والسجن المؤبد بحق الإخوان .

فى ثورة 25 يناير اعتقل المئات من عناصر الإخوان أثناء تحركهم فى المواصلات وأودعو الشرطه العسكرية التى قامت بتعذيبهم ومنهم ابن الدكتور محمد مرسى ، واعتقل منهم العشرات فى السجن الحربى وتم تعذيبهم بشدة قبل أن يطلق سراحهم .

وعندما نجحت الثورة فى تحقيق أول أهدافها، وهو إزاحة مبارك ، كان لابد من استكمال باقى الأهداف . وكان رأى الاخوان الذى أعلنته أن التعجيل بالعملية السياسية ورفع يد العسكر عن الحكم نقطة مهمة جداً ، وأن إطالة  أمد العسكر فى هذه السيطرة ، سيصعب بعد ذلك إزاحته ، وكان الضغط الشعبى فى الميادين أحد الوسائل لإرغامه على ذلك .

وعندما تمت الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية كان المجلس العسكرى يقاتل ويكافح لاستمرار سلطته مستعيناً بالمحكمة الدستورية  وبالإعلان الدستورى الذى تم إلغاؤه .

ومن ثم كان الانقلاب على د. مرسى هو عودة حكم العسكر ، والواقع الحالى أثبت ذلك .

إن مواجهة الرئاسة للدولة العميقة وإنهاء سيطرة الجيش الفعلية على الوطن ، تحتاج إلى التفاف شعبى حوله ، لهذا كانت التحركات المناوئة منذ وصول الرئيس مرسى للحكم وإطلاق الشائعات والأكاذيب وإثارة القلاقل والتخريب فى الشارع هدفها الرئيسى تعطيل هذه المواجهة التى حين تتم إزاحة الرئيس . وشارك فى هذه المؤامرة مرشحى الرئاسة الخاسرين ، والفلول والكنيسة ، وأصحاب اتجاهات ليبرالية ويسارية لم تعجبهم النتيجة وفى النهاية كانت الخسارة على الوطن قبل الإخوان ، والذى يواجه العسكر الآن بمنتهى الصبر والاحتمال والاستمرار هم الإخوان . وتلك القوى السياسية الأخرى التى بدأت فى ذلك ، مازال حجمها ضعيفاً وسجن بعض قيادتها يؤثر عليها .

العلاقة مع العسكر أثناء ثورة 25 يناير مع تلك القوى كانت موجودة واتصالاتهم برجال المخابرات العامة والحربية واللقاءات والحوارات معهم معروفة لنا ورغم هذا لم نتهمهم بالعمالة لهم .