– كل يوم يمضى على مظاهرات الشوارع يتضائل معه أمل أمريكا في السيطرة على الثورة الرافضة للانقلاب ، رغم ما تبذله من محاولات ومؤامرات لإجهاض هذه الثورة .

2- وبالتالي أصبح الهدف الأمريكي هو إطالة أمد وجود سلطة الانقلاب في الحكم إلى حين تتمكن من السيطرة على المشهد وإخراجه في ثوب جديد .

3- أكثر ما تخشاه أمريكا أن تنجح الثورة في المضي إلى أخر الشوط ، وتمتلك تلك المظاهرات السيطرة الثورية على البلاد ، وبالتالي تنجح في تفكيك الدولة العميقة بسرعة ، وفى إقصاء ومحاسبة رجال أمريكا بالبلد ، أي أن يحدث في مصر ما يقارب ما حدث في الثورة الإيرانية . وبالتالي تفقد أمريكا كل وسائل السيطرة والتواجد الفعال داخل مصر ، وهى تخشى من أي شعارات إسلامية في المظاهرات وتحاول بوسائل غير مباشرة منع ذلك .

4- لهذا فهى الآن تجتهد في ترتيب البديل لسلطة الانقلاب – إذا فشلت في السيطرة – والذى يمكن أن يحافظ على ما يهمها بالدرجة الأولى وهو ما أشرنا إليه سابقاً ، فلا مانع عندها من الذهاب بمن قاموا بالانقلاب وإخراج مشهد تتغير فيه الوجوه ، لكنها تضمن الدولة العميقة وأسس التحكم الداخلية ، وسيطرة الجيش الغير مرئية .

5- أمريكا ترفض تماماً أن يعود الإخوان لحكم مصر كاملى الصلاحية ، لأنها تعلم أنهم الفيصل الوحيد القادر على إنهاء حكم العسكر فعلياً وتفكيك الدولة العميقة . فهم أكثر قوة منظمة ومؤثرة بالشارع ، وغير قابلين للاحتواء أو الالتقاء في منتصف الطريق ، لديهم إصرار وثبات وتضحية لتحقيق أهدافهم ، وأصبح لديهم ثأر مع الدولة العميقة .

6- لا يوجد حتى الآن في مصر فصيل سياسى أو شخصية سياسية – مؤهلة للرئاسة ويدعمها ظهير قوى – خارج دائرة الإخوان ، قادرة على إنهاء حكم العسكر فعلياً وأغلب الموجود إما شخصية صحفية ، وإما يعمل من أجل مصالحه الشخصية أو الحزبية أو ليس له امتداد شعبى ، ويمكن فعلياً للدولة العميقة التفاهم معه والالتقاء معه في المنتصف ، والمخابرات لها مسارات معهم جميعاً .

وبعض الأحزاب التي أعلنت رفضها للانقلاب تريد أي مخرج من الأزمة يتيح لها التواجد والحركة السياسية ، وعودة الشرعية ليس من الثوابت عندها .

7- المبادرة التي تصدرها رموز سياسية أو حزبية ، أو صدرت قبل ذلك من أطراف أخرى ، ليس فيها حديث عن الشرعية أو عودة الرئيس ، وهى لا تختلف كثيراً عما أعلنه التيار الثالث.

8- هذه الصورة واضحة تماماً لدى أمريكا ، وأتباعها يدفعون المليارات ، وتكلم الأطراف ، وتلح على المقابلات مع الإخوان وغيرهم ، لتحقيق أهدافها ، وهو كيفية إيجاد مخرج للمشهد بشرط عدم عودة الإخوان للحكم ، والإبقاء على الدولة العميقة .

في ظل القضاء الفاسد سيتم تحجيم الإخوان والقوى الوطنية في الانتخابات ، وهى أي أمريكا تسعى بسرعة لفرض أمر واقع ، بحيث يقوى من موقف من قاموا بالانقلاب ويضعف موقف الآخرين ، والتصريحات الإعلامية لا تعبر عن حقيقة الموقف الأمريكي المساند بقوة للانقلاب – بل في حقيقة الأمر هي صاحبة القرار الأساسى – وتفرضه على باقى دول العالم .

إنها – أي أمريكا – لا تستهدف مجرد تحجيم الإخوان وتهميشهم في المجتمع ، وإنما أساساً تستهدف ضرب المشروع الإسلامي في المنطقة كلها وضرب من يسانده ، تمهيداً لإتمام مشروع الشرق الأوسط الكبير .

9- أحد الأكاذيب التي يطرحها من ساندوا الانقلاب هي أن الصراع هو بين السيسى وبين الإخوان ، لهذا يكون الحل في زعمهم إقصاء الطرفين ، والواقع أن الصراع هو بين قادة الجيش والداخلية والقوى الحزبية والسياسية التي ساندت الانقلاب وبين الإخوان ومن معها من قوى وطنية ، ففكرة الإقصاء حسب زعمهم يجب أن تشمل كل من أيد الانقلاب وسانده .

10- الرؤية الصحيحة أن هذه هي مرحلة التماسك والثبات فى الموقف بالنسبة لنا ، حتى وإن كان خيارنا الحل السياسى وليس الثورى ، فالإصرار بوضوح – دون التفاف – على عودة الشرعية كاملة وعلى محاسبة الانقلابيين ، وهم ليسوا الجيش فقط ، وعدم إظهار أي صورة للتراجع أو التنازل حتى ولو كان بسيطاً .

لابد من رفع سقف الطموحات والمطالب إلى أعلى درجة ، ورفض الحوار أو الالتقاء إلا على هذا الأساس الثابت ، إن قوة الثورة تكون في ثبات أصحابها على مبادئهم وإصرارهم على الاستمرار .

إن كل هذه المبادرات هي محاولة لتحقيق الرؤية الأمريكية سواء بقصد أو بدون قصد ، فهذا الموقف القوى سيرغم أمريكا ومن معها على التراجع وتقديم المزيد من التنازلات ، ولتكن ثقتنا في الله وفى دعوتنا عالية قوية .

11- لابد أن نضع في اعتبارنا أن الشارع وما يمثله من ثورة وثوار هو الأصل في اهتمامنا والمحافظة عليه ، وهو يقتضى أن يسمع من القيادة صوتاً قوياً عالياً محفزاً ومبشراً ومتشدداً ، فهذا يشد أزرهم ويدفعهم للمزيد .

أما ما نراه من بعض التصريحات غير المناسبة من بعض الأفراد ، والتي لا تترك صدى إيجابى عند الثوار ، فهى تسىء بشدة لهم وإلى تضحياتهم ، وهو ما يتمناه الأعداء ، ثم نحتار بعد ذلك في علاج هذا الأثر السلبى .

12- الحديث الذى يقوله البعض أنه لابد من التوافق مع القوى الثورية الأخرى ، فلابد من التنازل في خطابنا وأهدافنا حتى يحدث ذلك ، إننا نرحب بكل من يتصدى للعسكر ونرحب بالمشاركة ، وله أن يرفع ما يشاء لكن لا يفرض علينا أي تنازل في شعارنا وأهدافنا ، وتقييم مدى ثقل هذه القوى أصبح واضحاً ، وبعضهم حاول أن ينفرد بفعاليات خاصة بهم في الشارع فظهر مدى حشدهم ، وهؤلاء كانوا من أنصار الانقلاب ورفض الإخوان ، ولهم شروط لإعلان المشاركة مع الثورة الحالية ، وهى شروط مرفوضة .

لكن ما زلنا ندعو إلى الوحدة والتعاون في المساحة المشتركة ، ولكل فصيل خصوصيته ، وأن نوقف هذا التصارع على الفيس بوك .

إن الإخوان هم أكبر فصيل شعبى يواجه العسكر – وهذه حقيقة واضحة – ، وبالتالي فإن مهاجمتهم بهذه الصورة يصب في مصلحة العسكر في تلك المرحلة .

وليس معنى هذا أن الإخوان هم الوحيدون في هذه القضية ، بل إن هناك وطنيون آخرون ، إنما نتحدث عن الوزن النسبى لتلك القوى .

الشباب غير المسيس أو منتمى لحزب معين هو الدائرة المستهدفة ، وقد نجحنا في الوصول لشريحة منهم ، والباقى ينتظر حدثاً أو وضوح رؤية أكثر ، لكى ينحاز بعد ذلك للثورة ، وهو يحتاج إلى المزيد من التواصل ، وهم كانوا قلب 25 يناير ، وليست تلك الأسماء التي ركز عليها الإعلام .

13- لقد فشلت أمريكا والمخابرات في صنع التيار الثالث – وهو لا للعسكر لا للإخوان – وفى إظهاره وتقويته حتى يغلب على المشهد الحالي ، وهناك محاولات لصنعه من أعلى ، أي على مستوى الأحزاب والشخصيات السياسية .

14- الشعب ليس مع الانقلاب ، ولكن الدولة العميقة ما زالت قادرة على الحشد لعدة ساعات ( باستخدام الأموال – العاطلين – التمكن من مفاصل الدولة – الكنيسة ) لكنها لا يمكن أن تصنع ثوار وثورة أو نقول أن الشعب ما زال منقسماً بيننا وبينهم ، إن مؤامرة 30 / 6 دُفعت فيها أموال طائلة ، والانقلاب تم في الحقيقة قبلها ( وسيأتى اليوم الذى تُكشف فيه حقائق الأمور بإذن الله ) .

15- الثوار الذين ينزلون الشارع كل يوم ليسوا كلهم أو أغلبهم من الإخوان ، ولا يرفعون لافتات الإخوان أو أعلام الإخوان ، وإنما يطالبون بمطلب شرعى وهو احترام إرادة الأمة وصوتها الانتخابى ورفض هذا الانقلاب العسكرى ، لكن للأسف البعض يتعمد خلط الأوراق وكأن هذا المطلب الشرعى قضية شخصية خاصة بالإخوان لا يجوز عرضها فى الشارع .

إن من يدعو لإهدار قيمة الصندوق الانتخابى الحر النزيه ، فإنه يهدف أساساً إلى هدم آليات الديمقراطية وعدم احترامها ، بل سيفتح طريقاً للفوضى لن يستطيع أى رئيس قادم أن يستمر أكثر من عام إذا تمكن فصيل معارض من حشد الآلاف فى الشارع لعدة ساعات لتتم انتخابات جديدة ، والبعض يتعمد إهدار إرادة الشعب والخروج على الديمقراطية لأنه يحمل نوعاً من الحقد والحسد والعداء للإخوان المسلمين .. لأنه رأى بوضوح أن أغلب الشعب منحاز إليهم فى كل انتخابات حرة كانت تتم .

ونذكِّر الجميع بقول رسول الله : ” من أعان ظالماً سلِّطه الله عليه … ” .

16- أرجو ألا نتكلم عن عودة الرئيس ثم يفوض صلاحياته ، فهذه عودة مشروطة ، وإظهار للضعف ، والذى يملك ذلك هو الرئيس ، ووجود الرئيس بصلاحياته كاملة نقطة جوهرية لإنهاء حكم العسكر فعلياً وإسقاط الانقلاب ولابد من إعادة هيكلة الداخلية والقضاء والدولة العميقة .

عدم عودة الرئيس مرسى بكل صلاحياته يعنى بوضوح نجاح الانقلاب وعدم كسره ، أما تغيير الأشخاص الذين قاموا بالانقلاب فهو تغيير شكلى ، يجب أن يركز إعلامنا على هذا الأمر ، إن إسقاط الانقلاب يعنى إسقاط أهدافه وإسقاط التغيير الذى قام به .