المشروع الإسلامى الذى يقدمه الإخوان المسلمين ، مشروع يقوم على الفهم الوسطى والمتكامل ، وأنْ يكون العمل فيه شاملاً لجميع المجالات سواء ( ثقافية – اجتماعية – سياسية … إلخ ) . وأنّ الحكم والحكومة جزء أساسى فى هذا المشروع .
وبرنامج الإخوان لتحقيقه يعتمد على هذه المسارات وتلك المحاور الأساسية :
- محور الدعوة ونشر مفاهيم وقيم الإٍسلام وترسيخها فى قلوبهم ، وكسبهم لصالح الفكرة الإسلامية بالفهم الشامل لها (وقد سماه الإمام البنا محور التعريف) .
- محور التربية والتكوين : سواء بالتربية العامة للشعب على أخلاق وقيم ومبادىء الإسلام ، وكذلك تربية أنصار الدعوة وأعضاء الجماعة التربية العميقة بكل أبعادها المطلوبة ؛ لينشأ جيل تربى على الإسلام يتمسك به ويضحى فى سبيله ( سماه الإمام البنا محور التكوين ) .
- محور النضال الدستورى والكفاح السياسى ، فى تحقيق آمال وطموحات الشعب فى مطالب الحرية والديمقراطية والحفاظ على حقوقه وطرح البرامج التى يحتاجها ، وأن يلتف الشعب ويؤيد الجماعة فى هذا الميدان ، وأن يكون وجودها مؤثراً فى المحافل والمؤسسات السياسية .
- محور تكوين الركائز فى المؤسسات التنفيذية المختلفة ، وامتلاك أفرادها المهارات اللازمة التى يحتاجها المجتمع والدولة فى نهضتها ، والمعلومات المطلوبة .
- محور أعمال البرّ والخدمة العامة ، والتى تساعد على علاج كثير من مشاكل المجتمع وتدفع بمسيرة الإصلاح وتمهد للإصلاح الجذرى .
وقد سمى الإمام البنا بعض هذه المحاور الأخيرة : ” محور التنفيذ ” ، وهى تسير معاً جنباً إلى جنب .
– وبالتالى فإن امتلاك ناصية الحكم أو انحياز السلطة التنفيذية لإقامة الشريعة الإسلامية لا يكون عبر الانقلاب أو مجرد وصول حزب إسلامى إلى مقعد السلطة والرئاسة فقط ، فلا بد من تهيئة المجتمع وتغيير مناخه وتعميق مرجعيته للإسلام عن فهم صحيح واقتناع ، ولا بد من تكوين جيل إسلامى يكون قاعدة لنظام الحكم الإٍسلامى يتمسك به ويدافع عنه ويحمل أعبائه ، ولا بد من امتلاك الأسس التى تقوم عليها الدولة من الحرية والاستقلال الحقيقى والتحرر من أىّ سلطان أجنبى ، ولا بد من امتلاك التصور لإصلاح الحكم حتى يكون إسلامياً بحق ، وكذلك امتلاك القدرة على مراقبته ومحاسبته بل وخلعه وإبعاده إذا انحرف ، وذلك وفق الآليات الدستورية الصحيحة التى يخضع لها الحاكم .
– وبالتالى إذا وصل أى حزب إسلامى إلى مقعد السلطة دون توفر تلك الركائز ، فإن التمكين وإقامة النظام الإسلامى يظل ضعيفاً وغير متكامل ، ويكون عليه السعى بجدّ لاستكمال تلك المحاور والأسس لتحقيق هذا الهدف . ولهذا وضع الإمام البنا الأهداف العليا ، وسماها مراتب العمل حتى تكون أمام أعيننا فى إنجاح المشروع الإسلامى .
– وإن الدافع أو الباعث الذى يجعل المسلم يتحرك ويحمل المشروع الإسلامى أو ينضم للجماعة ، هو دافع تعبدى لله عز وجل إبراءً للذمة وأداءً للتكليف بإعلائه لكلمة الله والتمكين لدينه فى الأرض .
– وبالتالى تصبح تلك الرسالة التى يتجمع حولها الأفراد والفكرة والمنهاج الذى يعملون له هو محور التجمع وهو القائد لهم ، ويصبح كل فرد مسئولٌ عنه بنفس الدرجة ، فإذا تخلى عنه الجميع وبقى هو وحده ، استمر حاملاً للراية ملتزماً بها معبراً عنها .
– وبالتالى ينتفى أن يكون أشخاصاً بذاتهم أو فئة مجتمعية معينة أو شريحة لها صفة خاصة هى محور التجمع أو القيادة لهذه الرسالة وذلك التجمع أو التنظيم .
وبمقدار تمسك الفرد وعمله بتلك الرسالة والدعوة هو الذى يحدد مكانه ووضعه فى قافلة الدعوة ومسئولياتها ، وقد حرص الإمام البنا على توضيح ذلك وقال للإخوان : أنتم لستم حزباً سياسياً أو جمعية خيرية أو هيئة موضعية محددة الأغراض ( فكل هذه مجرد وسائل ) .
ووضع الإمام البنا للعمل بهذه الدعوة منهجية واضحة وثوابت ومعالم للعمل مستمدة من فقه الدعوة والتمكين ومن سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم كما أوضح ذلك فى رسائله .
فمن اقتنع بذلك وآمن به أصبح منتسباً لهذه الجماعة ، شريكاً مسئولاً فى حمل الدعوة وليس مجرد تابع أو موظف فيها .
– ولأن العمل الجماعى لا بد له من تنظيم ومؤسسات ولوائح يلتزم بها أفراد الجماعة لكى يكون مؤثراً قادراً على إنفاذ خططه وتحقيق أهدافه ، أصبح التنظيم ضرورة هامة وأمراً واجباً وملزماً لمن ارتضى عن فهم واقتناع أن يكون ضمن ذلك التنظيم وتلك الجماعة ، وتأتى مؤسساتها ولوائحها فتحدد الحقوق والواجبات وآلية اختيار القيادات وآلية اعتماد القرارات ، وآلية المراجعة والتطوير أو التعديل سواء للوائح أو الخطط .
لكن تبقى الأهداف العليا والرسالة التى قامت لتحقيقها هى الثوابت والمنطلق والقاعدة الحاكمة للجميع والمهيمنة على الجماعة .