نستطيع أن نوجز أهم ملامح السياسة الأمريكية في العالم – أو في الشرق الأوسط خصوصاً – في هذه النقاط السريعة :
1- أمريكا تتحرك بمفهوم الإمبراطورية ، فهى لا تحتاج أن تعطى أمراً مباشراً ، يكفى أن تُبدى الرغبة أو تُظهر التحذير ، فيستجيب له الآخرون ممن يدورون في فلكها أو يرتبطون بها .
ولها في تلك الدول رجال وأصحاب نفوذ ينقلون الرسائل والرغبات .
2- أمريكا تتحرك من منطلق أنها القوة الكبرى والمهيمنة في العالم ، وتقود مشروعاً متكاملاً ، وتعتمد منهجية ” التبشير ” و ” الاحتواء ” و ” السيطرة ” دائماً في علاقاتها .
وحتى مع الدول الحليفة أو التي تدور في فلكها وتنفذ رغباتها ، لابد أن تمتلك وسائل الضغط والسيطرة عليها داخلياً وخارجياً .
وفى حالة مصر من أوراق الضغط عليها : ملف الفتنة الطائفية – ملف الإرهاب – ملف الطاقة – مياه النيل – الديون – الملف الاقتصادى والتأثير على الدخل القومى ( قناة السويس ، السياحة ، العاملين بالخارج ، .. إلخ ) .
3- ومن يعمل معها ويحقق مصالحها ويأمل في دعمها له ، تجعله راغباً ومحتاجاً لها وفى نفس الوقت خائفاً منها ومن مكْرها به .
وهى كدولة عظمى ليس لديها عزيز عليها . وما يخدم استراتيجيتها هو الأساس في أعمالها . وقد تخفى بعض هذه الاستراتيجيات ، وقد تغدر بمن يخدمها . وصدق من قال : ” اللى متغطى بأمريكا عريان ” .
4- أمريكا لا تنتظر الواقع ثم تتعامل معه بعد ذلك – إلا في أحوال قليلة – وإنما ترسم المسارات والاستراتيجيات وتدفع بالأمور والأحداث إلى الناحية التي تراها وتقدرها ، وليس معنى ذلك أن كل ما تقدره في سياستها ينجح ويتحقق ، وإنما لديها من المرونة ما تعيد التقدير وتستفيد من هذا الفشل .
5- بالنسبة لخصوصية الشرق الأوسط ، فهى تحرص على أن تكون شريكاً رئيسياً في القرار والأحداث في المنطقة بالتنسيق مع إسرائيل . وكذلك التفاهم في بعض القضايا مع القوة الروسية التي تراجعت وضعفت أمامها إلى حد كبير .
6- أمريكا تتحرك بأسلوب السيطرة ، وتستخدم لتحقيق ذلك :
القوة الناعمة ، القوة الذكية ، القوة الصلبة .
7- أمريكا تعتمد أسلوب القيادة من الخلف أو الحرب عنها بالوكالة ، وإذا تطلب الأمر تدخلها المباشر فإنها توفر نقاط الارتكاز الداعمة لها مقدماً ، وأن يكون في يدها تغطية سياسية باسم التحالف الدولى حتى ولو كان مجرد شيئاً هامشياً ، وتوظيف مجلس الأمن في ذلك ، واستخدام فزاعة الإرهاب .
8- منهجية أمريكا في دول العالم الثالث العربية ، أنه لا مجال للديمقراطية الحقيقية ، ولا مجال للحريات الشاملة ، أو تداول السطلة خارج التابعين لها والخاضعين للمشروع العلمانى . وأنها لا تسمح للتيار الإسلامي المستقل بالوصول للسلطة ، وتعتبر كعقيدة ومبدأ معاداة المشروع الإسلامي الشامل وأنه خطر عليها وعلى إسرائيل في المستقبل .
9- عندما وضعت أمريكا استراتيجيتها ورؤيتها بشأن ” مبادرة الشرق الأوسط الكبير ” عام 2002 ، كان أهم مرتكزاتها هو إضعاف ما تسميه تيار الإسلامي السياسى ، وتغيير الخطاب الدينى ، ومدّ جذور المشروع العلمانى في تربة المنطقة لتكون له الغلبة ، وتفتيت وإضعاف دول المنطقة ، وجعل إسرائيل هي مركز الأمن الأقليمى في المنطقة كلها .
واعتماد وجود أكثر من لاعب بالمنطقة يحقق لها سياستها ومصالحها وينوب عنها .
10- أمريكا تجيد استخدام دبلوماسية الكلمات والتصريحات وشعارات حقوق الإنسان ، وتوظفها لمصلحتها ولتحقيق أهدافها ، أما الفعل والواقع فأمر مختلف تماماً . وعلى الإنسان أن ينظر لواقع أفعالها ولا ينخدع بتصريحاتها .